28 يناير . 7 دقائق قراءة . 772
يُجمِع الأخصائيون النفسيون على أن هنالك صعوبة في وضع تعريف واحد وواضح لهذه المرحلة العمرية، ويتضح التعريف من خلال التقدم في دراسة دقائق هذه الفئة، عبر تحديد حدّي المرحلة وهما من سن 6 – 10 سنوات للإناث ومن سن 6 – 12 سنة للذكور، كما يعتقد البعض أنها تبدأ أيضاً من 9 – 12 سنة حيث توازي مرحلة المدرسة الابتدائية. (منصور، 101). ويسمي بعض الأخصائيين هذه المرحلة بـ "قبيل المراهقة"، والتي يصير فيها السلوك بشكل عام جدياً ويعتبر كمرحلة إعداد للمراهقة، و يجد الباحث التونسي (بشناق) أن هذه المرحلة هي أنسب المراحل لما يسمى: بـ"عملية التطبيع الاجتماعي" (بشناق، 95).
السمات والخصائص العمرية للطفولة المتأخرة
كما تبين من التعريف فإن الفئة العمرية هذه كبيرة لهذا عمل بعض الباحثين على قسمها إلى فترتين هما:
- فترة النمو الجسمي (4-7) (زيدان، 198) :
* نمو متسارع في الطول
* سهولة التعرض للأمراض
* نمو سريع للمخ
* نمو الأسنان الدائمة
- فترة النمو العقلي (7- 12) (مختار، 84) :
* بطء نمو الجسم
* زيادة قوة الجهاز المناعي
* اضطراد في الحركة والنشاط
* ازدياد في القدرة على القيام بالأعمال التي تحتاج إلى التكييف الحركي
- الخصائص العقلية (العابد، 57) :
* اكتساب خبرات ومهارات جديدة إضافة إلى المخطط "schema".
* تكثر أسئلة (كيف، لم، لماذا) بسبب حب الاطلاع مما يدفعه إلى اكتشاف محيطه عن طريق عملتي الحل والتركيب.
* تنضج لديه المهارات العقلية (تذكر، تفكر، انتباه).
* تمتاز فترة ما بين 4- 7 سنوات باللعب الخيالي، أما التي بعدها 7-12 باللعب الواقعي.
* تظهر لديه ميول الجمع والاقتناء "غريزة التملك".
- الخصائص المزاجية والاجتماعية:
من سمات هذه المرحلة أنها تتسم بالثبات والاستقرار والانفعال العاطفي خاصة بعد السابعة، كما أن الطفل يميل إلى الاكتشاف والتجول والمخاطرة، مما يجعله يصادف نتائج جديدة وذلك بسبب تحرره من والديه والتحول إلى أقرانه. وما يساعده في ذلك هو حبه للاطلاع وهذا يترافق في كل سنوات هذه المرحلة (7-12). تبدأ غريزته الاجتماعية بالظهور، والتي من الممكن ملاحظتها عبر شغفه بالأمور التالية: اللعب الجماعي، الاشتراك مع أقرانه في المغامرات، وتنظيم المواعيد والزيارات. ولا بد من الإشارة إلى أن الطفل في هذه المرحلة يسعى إلى إرضاء مجموعة الرفاق على حساب إرضاء سلطة أخرى، وينتظر تقدير الآخرين له، علماً أنه لم يمتلك بعد مفهوم التضحية في سبيل الجماعة، والإيثار على مصلحته الشخصية (مختار، 130).[1]
التأثيرات السلبية على النمو في مرحلة الطفولة المتأخرة
يعتبر العالم (إريكسون) -صاحب نظرية البعد الاجتماعي النفسي في النمو- بأنه بالرغم من قيامه بتحديد هوية مبدئية للإنسان، ولكنه في كل مرحلة سيمر بـ"أزمة نمو"developmental crisis". وكلمة أزمة لا تعني هنا فقط معنى سلبي، وإنما تعني "معضلة".
توجد معضلة أو مشكلة في كل مرحلة يتعرض لها الطفل من خلال علاقته مع الآخر. فهو إِما أن يكون لديه ما يلزم كي يجتاز تلك المرحلة أو المشكلة، أو ألا يتعامل معها بشكل سليم، وبالتالي سيفشل وسيصل إِلى نتيجة سلبية فيها. وكأنه يقول بأن النجاح في المراحل اللاحقة يعتمد على النجاح في حل معضلات الماضي. هذا ما يدعونا إلى الخوض في مجموعة من هذه التأثيرات السلبية (عاقل، 109-111) التي لا بد من لفت النظر إليها لمحاولة تخطيها إيجابياً وهي[2]:
§ العجز عن التمييز أحياناً والتردد
§ العناد والمعارضة (مركزية الأنا مما يدفعه ليود أن يكون الأول والمفضل)
§ كثرة الكوابيس
§ بداية تغيرات جسمية ونفسية مهمة
§ كثرة الشكوى وإلقاء اللوم على الآخرين
§ تنامي حس المبالغة لدرجة يمكن توصيفها بالكذب
§ حالة من الإرهاصات بين (نشاط وسخف) و (تعقل وهدوء)
§ الاستحياء من رؤيته باكياً
§ تمني وجود أخ أو أخت طفل
§ إمكانية التمييز بين الجيد والسيء والقدرة على النقد
§ الانبهار السحر والأمور الميتافيزيقية
§ سرعة البكاء والحساسية للنقد
§ قلة الصبر مما يترافق مع انفعال ولجوج
§ ظهور علامات الفوراق الفردية بوضوح
§ رفض تقويم الكبار
محورية المرحلة في تكوين شخصية الطفل وميوله
تكمن أهمية هذه المرحلة في أن الطفل يدخل إلى المدرسة مع بداية ما سميناه الطفولة المتأخرة، والتي تمتاز بعاطفية التفكير، بمعنى وكأنه يصبح راداراً يتلقى الإشارات ويترجمها بمفهوم عاطفي، وكأنه مازال على الفطرة السابقة ويعكس سلوك أمه وأبيه. كما أن النجاح في ذاته يعتبر عامل له البعد الأكبر في تكوين شخصيته، حيث يجب أن يتبعه تقدير وتعزيز من قبل المشرفين على التربية، مما يمنحه إحساس بالراحة وثقة بالنفس، في حين أن الفشل يشعره بتأنيب الضمير. فكل هذه العوامل تترك أثراً في فكرته عن شخصه، مما يوصله إلى تعميم على كامل نواحي الشخصية في مستقبل نموها (مختار, 104).
"..من أهم ما يساهم في تكوين الشخصية هو تنمية الحس المعرفي عند الطفل"
- (فانييه، 197 و عابد، 112)
إن ما يغني هذه المرحلة في تكوين الشخصية هو العلاقة بين الأهل والأبناء، فلا بد من التوجه نحو الدور التربوي المقرون بالحوار والنقاش على ألا يخلو من الشدة وبذلك يتجاوز الدور الأبوي الذي يعتمد عادةً على الأوامر المباشرة. على المربي أن ينتبه إلى عملية التحفيز الإيجابي عند الطفل أمام كل مسؤولية جديدة سوف يتعرض لها، ومن أمثلة ذلك الواجبات الاجتماعية. ومن أهم ما يساهم في تكوين الشخصية هو تنمية الحس المعرفي عند الطفل وذلك بما تمتاز به مرحلته من نمو عقلي سريع، مما يضمن نمواً سليماً، وهذا يتم عبر حثه على الزيارات والقراءات الهادفة والحوار البناء. كما يساهم في ذلك أيضاً كل من اللعب والأنشطة العقلية التي تبني الشخصية، إضافةً إلى دعم قدراته الإبداعية والفكر البناء لديه، مثال على ذلك هو تعلم العزف على آلة موسيقية. (فانييه، 197 و عابد، 112).
أما بالنسبة لميول الطفل فهي تنحو تجاه التخصص والتقسيم، وتكون أكثر موضوعية. وهذا يظهر من خلال اهتمامه بأمور معينة من محيطه الخارجي، مثال على ذلك: المهن، هندسة، طب، طيران. كما يبدي الطفل ميلاً لعملية تركيب الأشياء أو صنعها مما يلازمه حتى سن الحادية عشرة ، ويكون الطفل عملي ومباشر، وغالباً ما يكون الأولاد في هذا العمر محبين للفنون وخاصةً التمثيل .(زيدان, 197 و Koulomzin، 39).
تابع مقال: ماهي الوسائل المجتمعية الداعمة للطفولة المتأخرة؟ تعلم المهارات وتنمية المفاهيم
[1] يتوافق هذا الرأي مع ما تعرضه الباحثة فريدا حداد حول سلوك الطفل على الصعيد الأخلاقي – الاجتماعي (حداد، 56-64)
[2] من الواضح توافق الكثير من هذه التعدادات مع ما تقدمه العالمة صوفي كولومزين مما سبق واطلعنا عليه.
02 فبراير . 8 دقائق قراءة
06 مارس . 5 دقائق قراءة
06 فبراير . 9 دقائق قراءة